لماذا لا نغني للفجر؟



على الرغم من أن اليوم – اليوم العادي الذي نعيشه – يبدأ (رسميا) عند منتصف الليل، إلا أنه يبدأ ( روحيا) عند الفجر...
والفجر يعني .. الأمهات اللائى ينهضن معه أو قبله بقليل، يلبسن (الطرح) ليصلّينه، ثم يجهّزن الإفطار للآباء الذين سيذهبون بعد قليل إلى عمل يومي بعيد...
والفجر يشهد للعجائز الذين يذهبون – يوميا – إلى المساجد رغم برودة جو الشتاء مثلا، ورغم متعة السهر في الصيف أيضا، إلا أنهم يؤثرون الفجر...
وللفجر طعم البرودة ورائحة الخبيز وصوت الخطى الأولى على الطريق، ومعنى البداية. والفجر فيصل الليل والنهار، حكم قديم بينهما، وحكيم عجوز لا يكف أبدا عن ممارسة الحياة، وهو حد، رغم كونه بداية، فنحن نقول (سهرنا لحد الفجر)
وهو بداية الزقزقة – لمن يعيشون بجوار عصافير "ما" في أي مكان - كما أنه بداية رحلة الروح عبر نهار رمضان، وهو كاشف الظلمة، مبدد الوحشة ( اسألوا من يعيش قرب الصحارى ، كم هو رائع الفجر .. صديق الرمال والطيور العائدة )
وعند الفجر تنتهي الحواديت والأحلام، وحتى الكوابيس، وهو شاهد عيان أزلي على موت يوم وميلاد آخر، فعنده فقط تدرك أن يومك قد فات، ولا يمكن عودته، وأن يومك بدأ ولا يمكن تأخيره ...
الفجر أول الزمان
ودليل الحياة
وللفجر سورة قرآنية باسمه ، وقد ذكره الله تعالى في قرآنه المجيد خمس مرات في أربع آيات هي (187 البقرة، 78 الإسراء ، 58 النور ، 5 القدر ) ...
وفي أدبياتنا نقول إن الله يقسم الأرزاق في الفجر، وفي تراثنا : (البركة في البكور) ، وفي لغتنا - الفجر – بفتح الفاء هو ( انكشافُ ظلمةِ اللَّيل عن نور الصُّبح قبل شروق الشَّمس والفجرُ المستطير هو البادي في الأفق وهو الفجر الصادق أما الفجرُ المستطيل فهو الفجر الكاذب، ويقال طريقٌ فَجْرٌ أي واضح)
والفجر خلاف الفُجْر، بضم الفاء، وإن كان ليس بينهما أدنى علاقة سوى الحروف وتغير تشكيلها، إلا أن معنى الفجر، بفتح الفاء، يوحي بدلالة عكسية للفجر بضمها...
ويذكرنا الفجر بشخصية من التراث المصري القديم، تدعى "وب واوات " أي "فاتح الطرقات"
والفجر هو أبو اليوم
وهو ابنه أيضا
وهو شقيق الروح
والأخ الأكبر للشمس، يفتح لها الطرقات، لتتيه دلالا في عليائها ....
لماذا لا نغني للفجر ؟ ففي أغانينا لا نجد الكثير ، وربما ليس هناك سوى "فؤاد حداد" يتساءل بصوت "علي الحجار" ( صلينا الفجر فين؟)....
وللفجر معنى الميلاد ، وكثيرون ولدوا "حول" الفجر ، وهم يفتخرون بذلك ، ولهم الحق ...

لكن أسوأ ما في الفجر "زواره" ، أولئك الأشخاص ثقيلو الظل الذين يتنافون مع رقة الفجر ... واسألوا أهل السياسة بخاصة ...

وسام الدويك
شاركه على جوجل بلس

عن الكاتب وسام الدويك

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيس بوك