الاثنين، 4 مايو 2015

نساء يضعن (الماكياج) ورجال عقلاء جدا !!!!



هي شاعرة، لكنها فتاة ..هي رسامة، لكنها امرأة...هي روائية، لكنها شابة...هي مثقفة، لكنها أنثى هي مخترعة، فيلسوفة، مؤرخة، قائدة، ثائرة، عاملة، مهندسة، طبيبة، أستاذة، مترجمة، ناقدة  رئيسة ... إلا أنها امرأة، والاستطراد بعد (لكنها) في الجملة السابقة ليس بالمفهوم الرجعي الشرقي، فأنوثتها – بالتأكيد -  ليست تقليلا من شأنها وإنما هو مكون أساسي لطبيعتها لولاه ما كانت الحياة، وهذا ما أراه بوضوح وببساطة.
 إلا أنني رصدت أن هناك لبسا يبدو جليا في تلك المواقف الناتجة عن تعامل كثير من الرجال مع (قياديات) – إذا جاز لنا استخدام هذا المصطلح للتعميم على كل ما تقدمه المرأة من إبداعات وأفكر مهن متعلقة بالفكر والاستنارة والرئاسة – وذلك حين يكتشفون (فجأة) أنهن ... نساء، يضعن (الماكياج) ويهتممن بأناقتهن ويتباحثن بأمور الموضة إذا كان هناك داع لذلك.. هن نساء، وهذه أمور ليست طبيعية وحسب لديهن، وإنما هي ضرورية بالفعل .. هي جزء من حياتهن، وهو أمر لا يفهمه الكثير من الرجال.
 فمثلا .. نجد هناك ربطا غير منطقي بين أن تكون امرأة ما مديرة في عمل أو ناقدة أدبية أو مهندسة  وبين صورة متخيلة صنعها الرجل من وحي توهمه هيمنته على العالم من منطلق ذكورية لا محل لها من الوجود في واقع الأمر، صورة يرى فيها أن الجدية المنطقية في كل نتاجات العمل الفكري والقيادي يجب أن تنعكس بالضرورة على مظهر وسلوكيات الإنسان، متناسيا أن (الإنسان) هنا امرأة في المقام الأول، فهو يصور لنفسه قبل أن يصور للعالم أنها يجب أن تكون صارمة حادة الملامح متجهمة لا تضع ألوانا ولا عطورا وتلبس ملابس فصلها في خياله، ولا تتحدث إطلاقا حول أمور زينتها!!!!!
والحقيقة أن هذا الربط – كما أراه – ليس منطقيا، لأنه نتاج فكرة استعلائية آن لها الآن أن تنزوي في كهوف التاريخ، فالمرأة رمز الجمال في حياة (الإنسان) ولا خلاف في ذلك، واهتمامها بزيها وزينتها ورائحتها وشعرها أمر لا تناقشه امرأتان على وجه الأرض، وهو – ويا للعجب – من محببات النفس لدى الرجال!!!
أما أن تتحدث امرأتان – مهما علا شأنهما فكريا ومعرفيا واجتماعيا – في أمور (الماكياج) والعطور وألوان الملابس فهو كذلك أمر بديهي ولا علاقة له إطلاقا بمدى الرصانة المدعى وجودها على الدوام لدى عموم الرجال، ولا تدل من قريب أو بعيد على تدني المستوى العقلي أو تراجع مستوى الرصانة لدى النساء بحديث يراه معظم الرجال (تافها)، فهذا النوع من الحديث على درجة بالغة من الأهمية التي لا يدرك قدرها هؤلاء الذين يعتقدون أنهم وحدهم يمتلكون مفاتيح العقل القويم والرصانة الفكرية والدليل أنهم لا يتحدثون عن زينة ولا ألوان ولا عطور!!!
 ولننح جانبا ذلك الصنف من الرجال الذي لا ينفك يقتل يومه بزينته، وهم كثر، أولئك الذين يضعون الكريمات على الوجوه وفوق شعر الرأس ويجرون وراء كل (موضة) في الملابس والشعر والهواتف!! ولنتحدث عن مفهوم الرصانة والتعقل الذي افترضه هؤلاء باستبعاد الحديث النسائي هذا، وليقل لي من يرى ذلك : بالله عليك .. وما بال المقهى وألعابه وأحاديثه، وما بال المغازلات الفجة التي أثبتت التجارب أنها لا تستند إلى عذر (إنساني) ما ؟! وما بال أحاديث النميمة التي تقتل بها وقتك في المواصلات وفي الشارع وعلى المواقع الاجتماعية!!
قل لي وبالله عليك .. ما بال وقتك الذي يضيع هباء في مشاهدة كرة القدم بالساعات والأيام، دون أن تمارس ولو لونا واحدا من الرياضة حتى يبدو تفاعلك الرهيب هذا مع فريقك منطقيا!!
ربما يجد الكثيرون ردودا مقنعة على هذا التساؤل الاستنكاري أو ذاك، لكنها مقنعة من وجهة نظرهم هم، من وجهة نظر ذكورية، استعلائية كرست لمفهوم وحيد للرزانة والحكمة منطلق من عقل الرجل وحسب.
حنانيكم يا سادة، يا من تدعون أنكم الأعلون وترون النساء والفتيات أدنى، وهو أمر لو تعلمون مشين، رفقا بأنفسكم قبل أن يكون رفقا بهن ..

 اقتربوا من عقولهن أكثر، حاوروهن، شاهدوا العالم بعيونهن، حيث إنني في هذا المقام لا أستطيع ذكر كل ما أنتجته النساء لعظمته وضخامته ولكونه سيصبح حديثا إنشائيا مكررا ، ولتتسع عقولكم وقلوبكم لهن بمنجزاتهن الفكرية الإبداعية القيادية وبجمالهن وألوانهن وملابسهن الرقيقة وروائحهن التي تعدل مزاج الحياة.
وسام الدويك