الأشياء الملهمة
التي صادفتني منذ قرنين تقريبا على نهر "السين"، لا تحاول أن تعيد تقديم
نفسها الآن، على ما يبدو فإن الوقت غير ملائم ... هناك أربعة عشاق افترقوا هذا
الصباح بعد سهرة عنيدة، و"ثور الخلاء" يقدم عروضا جديدة على مسرح
القصائد، ربما لن يعيها أبناء "الآي فون" لكنهم بالضرورة سيبحثون عن
المصطلح ليس للمعرفة ولكن لأن كلمة ثور هنا غير ملائمة لا "لباريس" ولا
للعشاق المهجورين.
ضعوا إذن ورودكم في ستراتكم الغامقة بلا وجل، لا
تنتظروا حتى يحين موعد وضعها على السطح الأملس للمستطيل الأبدي، ذلك الذي يعكس نور
القمر الأخير الذي لم يتحطم في نصوص السينما، حاولوا ألا تبين منكم تقطيبة ولا
ملوحة دمعة بلاستيكية، فالأمور كلها هنا في قلب "باريس" طبيعية تماما،
نعم نعم حتى ذلك النهد الذي نبت فجأة في مخيلتك أيها الصديق العجوز، لا تكن
كلاسيكيا هكذا فهم يحبون أصحاب الشعر المجعد والقلائد البلاستيكية وتلك المعدنية
الضخمة، لم يعودوا يهتمون باللحى على ما أذكر* ولا "بالهيب هوب" ولا
بتاريخ مسرح العبث، هم فقط يبحثون عن ليلة والسلام... لا تكن مثلهم، ولا تكن مثل "باريس"
متجرئا ومتقوقعا، باردا وشغوفا وممتلئا بالعشق والانفجارات.
أتدري أن "إيفيل" كان فيما مضى صاروخا
طيبا لكنهم خافوا منه ودجنوه وأقنعوه بالحضارة و"الموضة"، البرج لم يغضب
لأنه كان يعلم – منذ أن كان إنسانا في الأصل – أن المعدن واحد وأنه موجه، على كل
حال، إلى السماء، كإشارة للفرار المصطنع، تمر الشتاءات عليه وهو في وجده وحيد لا
يشاركه شاعر ولا عازف "هارمونيكا" ولا بنت هربت من أبويها خلال مناقشة
علنية، أنا أيضا يا "باريس" وحيد مثل برجك، أشعر بالامتعاض والقرف
أحيانا، لا أريد أن أغرق في نهركِ بحجة محاولة غسل همومي الحداثية، ولا أريد أن
أحتضن المارة بعفوية وكأنني في حالة تسامح حضاري غير مفهوم ولا مسبوق، وأعلم،
بالفعل أعلم، أنك لا تحبينني، رغم أن أهلي القدامى يشهدون لك لو أردتِ أنني كائن
شتوي ولا أحب "ماكدونالدز".
ــــــــــــــــــــــــــ
*تصحيح : المتشددون أقروا عدة
أنواع منها مؤخرا بعد ضغط الاتحاد الأوروبي ووافق ذلك ذكرى ضرب البرجين.
وسام الدويك –
القاهرة في 5:40 ص السبت 25 يونيو 2016