حين شرعت في جمع مادة كتابي "التياترجي..منير مراد" اكتشفت أمورا عديدة ومتشعبة، ليس أقلها سوء حظ ذلك الفنان المتميز بالفعل، كما لمست أيضا الظلم الذي وقع عليه حين كان سابقا لعصره بكل ما تحمل الكلمة من معنى، وحين كان الأخ الأصغر للعظيمة "ليلى مراد".
وإذا ما أمعنا النظر في العنصر الثاني لوجدنا أنه السبب
الظاهر والقوي للظلم الذي وقع على "منير"، وهو ما دعاني إلى تأمل الأمر
في حالات أخرى كثيرة، خاصة في مجالي
الغناء والتمثيل بالتحديد.
فعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر انزواء "خالد
إبراهيم" أمام أخته "أم كلثوم"، وكذلك "محمد شبانة" أمام
أخيه "عبد الحليم".
وقد لفت انتباهي مثالان آخران، إلا أن كلا منهما له
ملابساته، المثال الأول هو "نجاة وسعاد حسني"، وما أثير حولهما من لغط
يتعلق بمحاربة الأولى للثانية، إلا أن الاثنتين قد أخذتا حقيهما في الشهرة،
وتعليلي لهذا الأمر أن لون "نجاة" الغنائي وهو الرومانسي، يختلف جذريا
عن لون "سعاد" والذي يتميز بخفة الظل، هذا إلى جانب تفوق
"سعاد" في مجالي الرقص والتمثيل في مقابل تفوق "نجاة" في
الغناء الذي استلزم في تلك الفترة قوة الصوت ورصانته إلى جانب الأعمال الغنائية
الطويلة.
أما المثال الآخر فهو "محمد عبد الوهاب" وابن
أخيه "سعد عبد الوهاب"، حيث نجد أن تشابه صوت ابن الأخ الذي وصل إلى
درجة من التطابق مع صوت العم كان سببا قويا في انزواء سعد فنائيا، حيث كان يشاع
عنه أنه يقلد عمه، خاصة عندما كان يغني بعض أغانيه، على الرغم من أنه – أي
"سعد" – كانت له أغنياته المميزة بالفعل .
لكن، وعلى أية حال، فإنني أتساءل هل من الضروري عند وجود
موهبتين كبيرتين من أسرة واحدة في مجال واحد أن تطغى إحداهما على الأخرى، ولماذا؟
ما الذي يجعل إحداهما تنزوي أو لا تستطيع الحصول على
القدر ذاته من الشهرة التي يحصل عليها الطرف الآخر؟ هل هو القدر أم الحظ أم
المصادفة أم أنها ضرورة؟