ولما أن أمسكت الكاميرا صرت أحول القصائد صورا أو فلنقل إنني صرت أكتب
الصور قصائد ... هكذا أدعي، ولأن أجمل القصائد ما تكتب في النساء – كما أرى أيضا –
فإن أجمل الصور هي للنساء كذلك، وعليه فقد صارت أغلب صوري وجوها نسائية لا يحددها
عمر أو ثقافة أو درجة جمالية أو لون .
ولأن القاهرة هي عمري لا مدينتي وحسب، ولأنني عاشق للتاريخ والآثار ودارس
قديم لهما فقد جاءت صوري القريبة لروحي مستوحاة من ذلك الماضي الذي يمتد حتى خمسة
آلاف عام متمثلة في أهرام الجيزة ويقترب من قرن من الزمان أو أقل متمثلة في عمارة
وسط المدينة.
لقد حقق لي التصوير حلما دفينا كاد يتلاشى وسط اليومي والاستهلاكي، حلما
بتجسيد عالم ينتمي في ظاهره لواقع حياتي تراه كل العيون، لكنه مختبئ بين ثنايا ما
يسميه أصدقائي (روح الصورة)، فهذا رأي الكثيرين أنني أظهر روحا مختبئة بين الملامح
... روحا ربما تناقض أحيانا ما يظهر به صاحب الصورة سواء كان بشرا أم حجرا أم
طريقا وهو الأمر الذي يسعدني كما يلقي على كتفيّ المزيد من العبء الذي يتمثل في
المطالبة بضرورة التطوير المستمر والبحث الدائب عن التميز.
إلا أن الأمر ليس حلوا كله، فكما يسعد المصور منا بالتصوير ويفرح كطفل
بالتقاط صورة مميزة، يبدو وكأنه مطالب أيضا بالإجابة المستمرة على تساؤل يتكرر في
الشارع المصري "انت بتصور ايه؟" هذه الإجابة ربما تتطور إلى (خناقة)
وربما تختصر في تجاهل ومغادرة للمكان وحسب.
لقد كانت الثورة المصرية مفصلا تاريخيا مهما في كل شيء تقريبا إلا أن أثرها
في التصوير الفوتوغرافي كان غير محدود، فإلى جانب أن الجميع صاروا مصورين مع
انتشار الهواتف ذات الكاميرات، وهو أمر محمود على كل حال، فإن الكثيرين صاروا
يتحسسون من فكرة التصوير، خاصة إذا كانت الكاميرا من النوع الاحترافي لكن إصرار
المصور منا على القيام بدوره كمؤرخ بالكاميرا يجعله يغامر باستمرار لالتقاط صورة
يرى أنه يجب أن يلتقطها وربما لأنه يرى أن غيره لن يستطيع التقاطها.
تعليقات بلوجر
تعليقات فيس بوك