عابدين ... قصر واحد وخمسة متاحف




 بقلم وكاميرا / وسام الدويك


تجديد وتطوير شهدهما مؤخرا القصر الذي حكمت منه مصر في الفترة بين 1872 وحتى قيام ثورة يوليو 1952، وهو قصر عابدين الذي استغرق بناؤه عشر سنوات كاملة، والذي يضم خمسمئة وخمسين غرفة، ويعد واحدا من أضخم القصور الملكية القائمة في مصر.فإلى جانب أعمال الصيانة المستمرة، نجد هدايا ومقتنيات جديدة تضاف إلى بعض قاعات ومتاحف القصر، خاصة تلك المتعلقة بالرئاسة.
ويقع قصر عابدين في قلب القاهرة على بعد خطوات من ميدان التحرير، في المنطقة الأشهر الملقبة (بوسط البلد)، وهو مفتوح للزيارة من التاسعة صباحا حتى الثانية ظهرا.


عابدين ... الحي والرجل

من يصدق أن هذا الحي العامر بالبيوت والقصور الشهيرة كان ذات يوم مجرد مجموعة من الكثبان والبرك التي تتخللها الثكنات العسكرية التي بناها الاحتلال الفرنسي لمصر في القرن الثامن عشر؟

  ولكن الحال صارت غير الحال، إلا أن أول سؤال يتبادر إلى الذهن هو من يكون عابدين الذي تسمى هذا الحي الشهير في قلب القاهرة باسمه؟

  تقول كتب التاريخ إن أول من سكن هذه المنطقة وبنى فيها هو أمير اللواء السلطاني عابدين بك بعد قرن من بدء حكم العثمانيين لمصر، حيث أقام قصرا بجهة (سويقة صفية) وكان يجاور قصره هذا مسجد قديم يعرف حاليا باسم (جامع الفتح)، فعمل عابدين بك على تجديده والعناية به وكان ذلك عام 1631 م، ومن ثم عرف الجامع باسم عابدين.

  ظل الحي مجرد منطقة عادية إلى أن وصل إسماعيل باشا إلى حكم مصر عام 1863، فأصدر أوامره إلى وزير الأشغال في ذلك الوقت، علي باشا مبارك، وتم عمل الرسوم التخطيطية لحي عابدين وتم فتح طرق جديدة فاتصل الحي بمنطقة السيدة زينب.



الخديوي يهبط من قلعة الجبل

وكان إسماعيل يخطط لبناء قصر جديد، لا بغرض السكنى فقط، وإنما ليكون مقرا لحكم مصر، ولهذا جعل من ميدان عابدين مركزا تتفرع منه عدة شوارع، إلى ميدان الإسماعيلية (التحرير حاليا)، وإلى الأزبكية، حيث شارع عابدين (الجمهورية الآن) وشارع عبد العزيز، الذي يشتهر حاليا بتجارة الأدوات الكهربائية والمنزلية والهواتف النقالة، والذي ينسب إلى السلطان العثماني عبد العزيز لمناسبة زيارته لمصر، الذي أصبح وقتها أول سلطان عثماني يزور البلاد، بعد سليم الأول .

 وعندما بنى الخديوي إسماعيل قصر عابدين كان هدفه النزول إلى شعبه ليحيا معه لا أن يبقى محميا أو محتميا بقلعة الجبل التي كانت مقرا لحكم مصر منذ عهد الأيوبيين – عدا الصالح أيوب – ثم في عهد المماليك، حتى محمد علي الذي بنى فيها قصر الجوهرة.

  وعلى غرار القصور الملكية الكبرى في أوربا بنى إسماعيل قصره هذا، بداية من عام 1863 عام توليه الحكم، وقد تكلف القصر ستمئة وخمسة وستين ألفا وخمسمئة وسبعين جنيها، وقد كلف الخديوي إسماعيل المهندس الفرنسي (كوريل روسو) – أشهر مهندسي بناء القصور في ذلك الزمان – بتصميم  وبناء القصر.  

  وأصبح قصر عابدين دائرة للحكم، إذ أقيمت حوله النظارات أو الوزارات بلغة العصر الحديث، ففي شارع الدواوين (نوبار حاليا) نجد مقرات المصالح الحكومية والوزارات، بل ومجلس الوزراء، خاصة حول ميدان لاظوغلي، الذي يضم حاليا وزارة الداخلية وبعض محلات الطعام السريع وغيرها.

  كما بنى رجال السياسة قصورهم حول عابدين وبالقرب منه، مثل حسين باشا رشدي، ومحمود باشا الفلكي، وسعد باشا زغلول، الذي أقيم ضريحه قرب قصره الذي أصبح يعرف ببيت الأمة.

وينقسم القصر في أصل بنائه إلى الحرملك، وهو مكان الإقامة الخاص بالخديوي، ومن بعده الملوك الذين تعاقبوا على حكم مصر من خلال القصر، وزوجاتهم وأسرهم والسلاملك، وهو الجزء الذي تمارس من خلاله عملية الحكم بكل تفاصيلها، بما في ذلك استقبال الملوك، وإدارة البلاد.




 خمسة متاحف وحديقة


وعند قيام ثورة يوليو فتحت حدائق القصر كمتنزهات عامة للجمهور، ورأى الناس لأول مرة ما تحويه هذه النوعية من القصور الملكية من مساحات شاسعة وحدائق غناء.

خمسة متاحف يحتويها القصر حاليا، ويمكن للزوار دخولها بالتذكرة ذاتها، وهي:
 متحف الأسلحة، الذي يعد الأقدم، وقد أسسه الملك فؤاد، وبه قسم للأسلحة البيضاء  وآخر للأسلحة النارية، وثالث للمدافع، هذا عدا ما نجد من نماذج للمدافع على مر التاريخ في حديقة القصر فور الولوج من بابه الرئيسي.
متحف الأوسمة والنياشين، وامتدادا لما قام به أبوه من تأسيس متحف في القصر اختار الملك فاروق إنشاء متحف للمقتنيات الملكية من هدايا كان يتلقاها خلال سفره أو من مبعوثي الملوك حول العالم، ومنها ذلك السيف النادر المرصع بالأحجار الكريمة الذي يسمي بسيف العدل والتتويج.
متحف الفضيات، وفي عام 1998 عند إعادة افتتاح قصر عابدين تمت إضافة متحف الفضيات بأقسامه المختلفة، وهي الفضة والصيني والكريستال والجاليهات التي تنتمي إلى الفترة التي حكم فيها القصر مصر أي بين عصر الخديوي إسماعيل والملك فاروق.

وإذا كنا جميعا نعرف الصيني والكريستال فإن الجاليه أو الجاليهات عبارة عن تحف من الزجاج الملون عليها نقوش بارزة لمناظر طبيعية، والموجود منها في القصر  مجموعة نادرة من أعمال الفنان "إيمييل جالييه" الذي إليه تنتسب هذه القطع الفنية.

متحف هدايا رئاسة الجمهورية، ومن اسمه يتضح محتواه، فقد خصص للهدايا والمقتنيات الرئاسية منذ ثمانينيات القرن الماضي، وحتى اليوم، وهو المتحف الذي ضم قطعا جديدا خلال الأسابيع القليلة الماضية.

متحف الوثائق التاريخية، عمره أحد عشر عاما فقط، لكنه من أهم المتاحف في مصر، إذ يحتوي على وثائق تاريخية مهمة تنتمي إلى الفترة بين عهد محمد علي باشا، والملك فاروق .

رجعنا إلى :
1 – دليل متاحف قصر عابدين.

2 – موقع هيئة الاستعلامات المصرية.
شاركه على جوجل بلس

عن الكاتب وسام الدويك

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيس بوك